فعلا أنا مغربي، ولا يمكنني أن أنكر ذلك. لا يمكنني أن أقول أنني أحب المغرب، لكن أيضًا لن أقول أنني أكرهه. من الصعب جدا تحديد معنى الوطن، والأصعب منه تحديد معنى الانتماء. لكن يمكنني أن أقول بكل سهولة أن مصلحة المغرب تهمني، وسأكون صادقًا في ذلك إلى أقصى حد.
أول ما تعلمناه في المدرسة كان النشيد الوطني، وكنا فخورين بذلك. تعلمنا أن حب الوطن واجب؛ لأنه وطننا. لكن لم بخبرنا أحد ما هو الوطن، وكيف يجب أن يكون الوطن، ومتى لا يكون الوطن وطنًا. شيئًا فشيئًا بدأنا نكتشف الزيف الذي كنا ندرسه، وبدأنا نكتشف مكر السياسة وصراع المصالح. أخبرونا أن الصحراء مغربية وبأن المسيرة الخضراء عمل عظيم. لكن لاحقا اكتشفنا أن الصحراء “كانت” مغربية والمغرب ضيعها.. والمسيرة الخضراء مجرد لعبة سياسية لا غير. أخبرونا أن مدينتي سبتة ومليلية مغربيتين، لكننا اكتشفنا أنهما خاضعتين للسيادة الاسبانية والمغرب لم يقم بأي دور لاستردادهما.. وكذلك جزر الكناري.
لا يمكنني أن أكره “الوطن” الذي تحيا فيه عائلتي، وأصدقائي.. وأيضًا لا يمكنني أن أقول أنني قادر على حبه.
لا أحب كرة القدم، لكني أتابع بشغف كبير مباريات المنتخب المغربي، وأكتئب حين ينهزم. حين يجري (هشام الكروج) يتعلق بصري بساقيه، ويتوقف قلبي عن الخفقان حتى يتجاوز خط النهاية فائزًا.. أرتعد نشوة حين أستمع للنشيد الوطني بصوت المئات من المغاربة والعلم المغربي يرفرف عاليًا في الملاعب الرياضية، وأتمنى لو أن الاستماع إلى نفس النشيد على التلفزة الرسمية أو مشاهدة العلم على الإدارات العمومية يبعث فيّ نفس الشعور.. ونفس الأمان.
لا أكره المغرب.. ولا أحبه. لكنني سأبقى مغربيًا رغم كل ذلك.