المعطف
ترك الباب مفتوحا في منتصف الليل .. وخرج ..
كان الثلج قد بدأ يهطل ..
[ حتى أنتِ تركتيني ]
اتكأ قليلا على عصاه .. وتابع ..
[ كنا نشكو من الأولاد .. وعندما كبروا .. تركونا .. أنتِ قلتِ ذلك .. لم يكن هذا بعيدا ..]
اشتد هطول الثلج الصامت ..
[أربعة وخمسون عاما .. تحت سقف واحد .. كيف طاوعك قلبك .. لم أكن أتخيل أنك سترحلين ..]
أصبح خارج المدينة .. واقتربت شواهد المقبرة .. فلفه الخشوع من كل الجهات ..
[ كلما جاءنا ولد ذبحنا خروفين .. ثلاثة أولاد بستة خرفان .. وبنتان بخاروفين ..]
جلس قرب قبر مازال ترابه طريا ..
[السلام عيكم .. أتذكرين يا أم وجدي .. كم من المسرات منعناها عنا .. لأجل الأولاد ..]
شرق بالدمع ..
[ حتى وأنتِ ميتة .. لا أرتاح إلا معكِ ..]
تحسس ترابها بأصابعه ..
[ أتشعرين بالبرد ..؟ ]
نزع معطفه .. وغطى ترابها ..
[ كنتِ تشعلين المدفأة بيديك .. حتى في الأيام الدافئة .. كنتِ شديدة التأثر بالبرد ..]
نزع كنزته أيضا ..
[ عندما تخرج ابننا البكر طبيبا .. كانت فرحتكِ لا توصف .. وقلتِ لي .. لم يعد يهم .. ابننا سيداوينا ..]
غطى وجهه بكفيه ..
[ بعد غياب طويل .. رأيته في عزائك ..]
وضع عصاه بحيث يسند إليها رأسه ..
[ والباقون .. لم يكونوا أفضل منه ..]
سرى الخدر في أطرافه ..
[ ليس لكَ غيري .. كنتِ تقولين ذلك دائما ..]
انفتحت كوة في السماء شديدة البياض .. ورأى الملائكة يهبطون إليه ..
[ مَن قال إني سأترككِ ..]
وحملوه معهم ....